كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



تَنْبِيهٌ:
إنْ قِيلَ لَمْ اُخْتُصَّتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ بِالسُّجُودِ عِنْدَهَا مَعَ ذِكْرِ السُّجُودِ وَالْأَمْرِ بِهِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَآخِرِ الْحِجْرِ وَهَلْ أَتَى قُلْنَا لِأَنَّ تِلْكَ فِيهَا مَدْحُ السَّاجِدِينَ صَرِيحًا وَذَمُّ غَيْرِهِمْ تَلْوِيحًا أَوْ عَكْسُهُ فَشُرِعَ لَنَا السُّجُودُ حِينَئِذٍ لِغُنْمِ الْمَدْحِ تَارَةً وَالسَّلَامَةِ مِنْ الذَّمِّ أُخْرَى، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَحْوُ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا دَخْلَ لَنَا فِيهِ فَلَمْ يُطْلَبْ مِنَّا سُجُودٌ عِنْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ سَبْرًا وَفَهْمًا يَتَّضِحْ لَك ذَلِكَ.
وَأَمَّا {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} فَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
الشَّرْحُ:
(باب) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ صَحَّ أَوْ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ النَّذْرِ وَجْهَانِ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَنَذْرِهِ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَتَّضِحْ التَّشْبِيهُ. اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ اتِّضَاحِهِ حُرْمَةُ الصَّوْمِ دُونَ السُّجُودِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَصَحُّ إلَخْ) سُئِلَ السُّيُوطِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهَا كَسَجْدَةِ حم هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ مَحَلِّ سَجْدَةٍ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آتِيًا بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ، وَالتَّقَرُّبُ بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ لَا يَجُوزُ، بَلْ يَسْجُدُ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الْمَحَلِّ الثَّانِي وَيُجْزِئُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا الْآيَةُ قَبْلَهَا فَقِرَاءَةُ آيَةٍ لَا تُطِيلُ الْفَصْلَ، وَالسُّجُودُ عَلَى قُرْبِ الْفَصْلِ مُجْزِئٌ. اهـ. أَقُولُ إذَا سَجَدَ عَقِبَ انْتِهَائِهِ لِلْمَحَلِّ الْأَوَّلِ صَحَّ السُّجُودُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْمَحَلِّ الثَّانِي فَلَوْ قَرَأَ بَعْدَ السُّجُودِ الْمَحَلَّ الثَّانِيَ وَأَرَادَ السُّجُودَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ فَهَلْ يَصِحُّ السُّجُودُ وَلَا يُعَدُّ السُّجُودُ الْأَوَّلُ فَاصِلًا مَانِعًا، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ قِرَاءَتُهُ لِآيَاتِ السَّجَدَاتِ سَجَدَ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ قِرَاءَةِ الْأُولَى وَسَجْدَتِهَا وَظَاهِرُهُ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِسُجُودِ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ تَعَارَضَ السُّجُودُ، وَالتَّحِيَّةُ يَسْجُدُ وَلَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ ضَبْطُهُ بِمَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ مِنْ نَظَائِره. اهـ. وَسُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَمَّا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ السُّجُودُ إذَا قَرَأَ، أَوْ سَمِعَ الْآيَةَ كَامِلَةً فَإِنْ سَمِعَ، أَوْ قَرَأَ بَعْضَهَا لَمْ يُسَنَّ لَهُ وَقَدْ جَزَمَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ عَدَّدُوا الْآيَ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} آيَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي حم: {فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا} إلَى: {يَسْأَمُونَ} آيَةٌ فَهَلْ إذَا قَرَأَ كُلًّا مِنْ هَاتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ أَوَّلًا حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِمَا مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَمَا تُعْلِنُونَ}، وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ} إلَى قَوْلِهِ: {تَعْبُدُونَ} فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ضَمِّ مَا قَبْلُ. اهـ. وَقَدْ يُسْتَغْرَبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ نَازَعَ فِيهِ وَيَكَادُ يُصَرِّحُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي آخِرِ آيَاتِهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَثَلًا الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ آخِرَ آيَةِ النَّمْلِ: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} أَوْ {تُعْلِنُونَ} لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} لَيْسَ هُوَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي آخِرِ آيَةِ السَّجْدَةِ، بَلْ فِي نَفْسِهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.
(باب فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ):
(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ) إلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ فِي الْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَقُومُ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ سَنِّ سُجُودِ السَّهْوِ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ مَعَ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ لِأَنَّ السَّجْدَةَ اسْمٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٍ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ يُجْمَعُ عَلَى فَعَلَاتٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَمِنْ الصِّفَاتِ عَلَى فَعْلَاتٍ بِالسُّكُونِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ صَحَّ وَفِيهَا فَأَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَتَّضِحْ التَّشْبِيهُ انْتَهَى أَيْ لِحُرْمَةِ الصَّوْمِ دُونَ السُّجُودِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ انْتَهَى شَرْحُ الْعُبَابِ. اهـ. سم وَلَعَلَّ هَذَا الْحَمْلَ مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ عَلَى طَلَبِهَا) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ عَلَى سَنِّهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُنَاسِبَ لِلِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُهَا وَسَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى رَدِّ دَلِيلِهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَضَحَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ يَعْنِي لِلتِّلَاوَةِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي وَفِي النِّهَايَةِ مِثْلَهُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يَسْجُدْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} أُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ فِي الْكُفَّارِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ) أَيْ وَهَذَا مِنْهُ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيمِ مَعَ سُكُوتِ الصَّحَابَةِ دَلِيلُ إجْمَاعِهِمْ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ حُرْمَتُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ تَقَرُّبٌ بِرُكُوعٍ لَمْ يُشْرَعْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُنَّ فِي الْجَدِيدِ إلَخْ) وَأَسْقَطَ الْقَدِيمُ سَجَدَاتِ الْمُفَصَّلِ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي مَعَ جَوَابِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) أَيْ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ فِي الْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَالنَّمْلِ وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالَمْ تَنْزِيلُ وَحُمَّ السَّجْدَةِ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْعَلَقِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِسَجْدَتَيْ الْحَجِّ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِمَا جَاءَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا الْأَقْوَالَ الضَّعِيفَةَ فِي أَوَاخِرِ الْآيَاتِ.
(قَوْلُهُ أَقْرَأَنِي) أَيْ عَدَّ لِي أَوْ عَلَّمَنِي أَوْ تَلَا عَلَى بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَخْ) مِنْهَا سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ) خَصَّهَا بِالِاسْتِدْلَالِ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ لَيْسَ فِي الْحَجِّ إلَّا السَّجْدَةُ الْأُولَى وَأَنَّ مَالِكًا وَقَوْلًا قَدِيمًا لَنَا يَرَى أَنْ لَا سَجْدَةَ فِي الْمُفَصَّلِ أَصْلًا بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.
(قَوْلُهُ نَافٍ وَضَعِيفٌ) أَيْ وَخَبَرُ غَيْرِهِ صَحِيحٌ وَمُثْبِتٌ أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ نَعَمْ الْأَصَحُّ إلَخْ) سُئِلَ السُّيُوطِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّهَا كَسَجْدَةِ حم هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ كُلِّ مَحَلٍّ سَجْدَةٌ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آتِيًا بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ وَالتَّقَرُّبُ بِسَجْدَةٍ لَمْ تُشْرَعْ لَا يَجُوزُ بَلْ يَسْجُدُ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الْمَحَلِّ الثَّانِي وَيُجْزِئُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّهُ مَحَلُّهَا فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الْقَائِلُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا الْآيَةُ قَبْلَهَا فَقِرَاءَةُ آيَةٍ لَا تُطِيلُ الْفَصْلَ، وَالسُّجُودُ عَلَى قُرْبِ الْفَصْلِ مُجْزِئٌ سم عِبَارَةُ ع ش وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ السُّجُودِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَسُئِلَ السُّيُوطِيّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَفِي النَّمْلِ: {الْعَظِيمِ} إلَخْ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ عَدُّوا الْآيَ جَزَمُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} آيَةٌ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا} إلَى: {يَسْأَمُونَ} آيَةٌ فَهَلْ إذَا قَرَأَ كُلًّا مِنْ هَاتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ أَوْ لَا حَتَّى يَضُمَّ إلَيْهِمَا مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ: {أَلَّا يَسْجُدُوا} إلَى قَوْلِهِ: {وَمَا تُعْلِنُونَ} وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ} إلَى قَوْلِهِ: {تَعْبُدُونَ} فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ السُّجُودُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ضَمِّ مَا قَبْلُ انْتَهَى.
وَقَدْ يُسْتَغْرَبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَأَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَتَوَقَّفَ وَنَازَعَ فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) وَهُوَ الْمَدْحُ تَلْوِيحًا وَالذَّمُّ صَرِيحًا وَلَفْظَةُ أَوْ لِلتَّوْزِيعِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَدْحٌ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَكَلَامُنَا فِي مَدْحٍ عَامٍّ وَلَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ {كَلًّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} فَإِنَّهُ يُسْجَدُ لَهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَمَّلْ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) أَيْ تَأَمَّلْ مَا عَدَاهَا و(قَوْلُهُ سَبْرًا) أَيْ إحَاطَةً لِلْجَمِيعِ و(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ فَلَيْسَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(لَا) سَجْدَةُ (ص) وَقَدْ تُكْتَبُ ثَلَاثَةَ حُرُوفٍ إلَّا فِي الْمُصْحَفِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ حَدِيثِ عَمْرٍو (فَإِنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ) لِلَّهِ تَعَالَى لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا أَيْ عَلَى قَبُولِهِ تَوْبَةَ نَبِيِّهِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خِلَافِ الْأَوْلَى الَّذِي ارْتَكَبَهُ غَيْرَ لَائِقٍ بِعَلَى كَمَالِهِ لِعِصْمَتِهِ كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ عَنْ وَصْمَةِ الذَّنْبِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ التَّفَاسِيرِ مِمَّا كَانَ الْوَاجِبُ تَرْكَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ بَلْ لَوْ صَحَّ وَجَبَ تَأْوِيلُهُ لِثُبُوتِ عِصْمَتِهِمْ وَوُجُوبِ اعْتِقَادِ نَزَاهَتِهِمْ عَنْ ذَلِكَ السَّفْسَافِ الَّذِي لَا يَقَعُ مِنْ أَقَلِّ صَالِحِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَكَيْفَ بِمَنْ اصْطَفَاهُمْ اللَّهُ لِنُبُوَّتِهِ وَأَهَّلَهُمْ لِرِسَالَتِهِ وَجَعَلَهُمْ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلِيقَتِهِ فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ دَاوُد بِذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ نَظِيرِهِ لِآدَمَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا.
قُلْتُ وَجْهُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَقِيَ مِمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ وَالْقَلَقِ الْمُزْعِجِ مَا لَقِيَهُ إلَّا مَا جَاءَ عَنْ آدَمَ لَكِنَّهُ مَشُوبٌ بِالْحُزْنِ عَلَى فِرَاقِ الْجَنَّةِ فَجُوزِيَ بِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ وَعَلَى قُرْبِهِ وَأَنَّهُ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً تَسْتَوْجِبُ دَوَامَ الشُّكْرِ مِنْ الْعَالَمِ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَأَيْضًا فَمَا وَقَعَ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُ مِنْ إضْمَارِهِ أَنَّ وَزِيرَهُ إنْ قُتِلَ تَزَوَّجَ بِزَوْجَتِهِ الْمُقْتَضِي لِلْعَتْبِ عَلَيْهِ بِإِرْسَالِ الْمَلَكَيْنِ لَهُ يَخْتَصِمَانِ عِنْدَهُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ فُتِنَ أَيْ لِعِظَمِ ذَلِكَ الْإِضْمَارِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَتَابَ مِنْهُ مُشَابِهٌ لِمَا وَقَعَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ الْمُقْتَضِي لِلْعَتْبِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لَهُ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِك} الْآيَةَ لَمَّا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الْعَتْبِ ثُمَّ تَعْوِيضِهِمَا عَنْهُ غَايَةَ الرِّضَا كَانَ ذِكْرُ قِصَّةِ دَاوُد وَمَا آلَتْ إلَيْهِ مِنْ عَلِيِّ النِّعْمَةِ مُذَكِّرًا لِقِصَّةِ نَبِيِّنَا وَمَا آلَتْ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ أَرْفَعُ وَأَجَلُّ فَاقْتَضَى ذَلِكَ دَوَامَ الشُّكْرِ بِإِظْهَارِ السُّجُودِ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ شُكْرٌ أَنَّهُ يَنْوِيهِ بِهَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ سَبَبُهَا التِّلَاوَةُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِتَذَكُّرِ قَبُولِ تِلْكَ التَّوْبَةِ أَيْ وَلِأَجْلِ هَذَا لَمْ يَنْظُرْ هُنَا لِمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ الشُّكْرِ مِنْ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَغَيْرِهِ فَهِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ مَحْضِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَةِ مَحْضِ الشُّكْرِ (تُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَهَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ».
وَيَأْتِي فِي الْحَجِّ أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ الْمُحَرَّمَةَ هِيَ فِيهَا فَلَمْ تُطْلَبْ فِيمَا يُشْبِهُهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ فِيهِ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْحَقًا بِهَا فِي كُلِّ أَحْكَامِهَا (وَتَحْرُمُ فِيهَا) وَتَبْطُلُ (فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ سُجُودِ الشُّكْرِ وَإِنْ ضَمَّ لِقَصْدِ الشُّكْرِ قَصْدَ التِّلَاوَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبْطِلُ وَغَيْرُهُ غُلِّبَ الْمُبْطِلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَقَصْدِ التَّفْهِيمِ وَالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ بِأَنَّ قَصْدَ التَّفْهِيمِ ثَمَّ عَارِضٌ لِلَّفْظِ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى الْبُطْلَانِ إلَّا إذَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ مَا يُضَادُّهُ مِمَّا هُوَ مُوَافِقٌ لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ بِخِلَافِ السَّجْدَةِ هُنَا فَإِنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا تَخْتَصُّ بِتِلَاوَةٍ وَلَا شُكْرٍ فَأَثَّرَ قَصْدُ الْمُبْطِلِ بِهَا وَإِنَّمَا تُبْطِلُ إنْ تَعَمَّدَ وَعَلِمَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ سَجَدَهَا إمَامُهُ الَّذِي يَرَاهَا لَمْ تَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ وَأَنْ يُفَارِقَهُ فَإِنْ قُلْتَ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ قُلْتُ لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يَرَى الْمَأْمُومُ جِنْسَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِحَنَفِيٍّ يَرَى الْقَصْرَ فِي إقَامَةٍ لَا نَرَاهَا نَحْنُ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْقَصْرِ جَائِزٌ عِنْدَنَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ وَأَمَّا قَوْلُهَا إنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ.